أثارت نتائج مباراة الولوج لسلك الدكتوراه في تخصص “علوم الاقتصاد والتسيير” بكلية الحقوق السويسي – جامعة محمد الخامس، المعلنة في يناير 2025، جدلًا واسعًا داخل الأوساط الجامعية، بعد ورود اسم مسؤول بارز في وزارة الصحة (ع.ز) ضمن لائحة الناجحين، رغم غيابه التام عن مراحل الانتقاء الكتابي والشفوي، حسب ما أفادت به مصادر طلابية وأكاديمية.
المباراة التي جرت مراحلها منذ أكتوبر 2024، عرفت مشاركة عدد كبير من المترشحين، وتميزت بتنافس حاد بين الطلبة الباحثين، إلا أن نشر النتائج النهائية فجّر مفاجأة غير متوقعة، تمثلت في إدراج اسم مسؤول إداري لا يُعرف عنه أي نشاط أكاديمي في مجال الاقتصاد أو التسيير، ولم يُلاحظ حضوره في الاختبارات أو حلقات النقاش، ما أثار علامات استفهام حول معايير الانتقاء النهائي.
صمت رسمي… وتساؤلات تتزايد
إلى حدود الساعة، لم تصدر إدارة الكلية أي توضيحات بخصوص المعايير المعتمدة في القبول، كما لم توضح ما إذا كان المسؤول المذكور قد اجتاز فعلًا مراحل التقييم أم لا. ويزيد من حدة التساؤلات أن اللائحة النهائية تضم أسماء أخرى تم استبعادها رغم تفوقها في التصنيفات الأولية.
بعض الأساتذة داخل المؤسسة عبّروا عن استغرابهم من ورود الاسم، واعتبروا أن الأمر “يمسّ بمصداقية المباراة”، خاصة إذا ثبت أن المعني لم يخضع للمراحل المتعارف عليها في التقييم، وهو ما قد يُفسَّر – إن صحّ – كخرق صريح لمبدأ تكافؤ الفرص.
حالة معزولة أم نمط متكرر؟
تفجّر فضيحة “قليش” بأكادير في ماي 2025، والمتعلقة بشبهات بيع شواهد الماستر داخل إحدى المؤسسات الجامعية، أعاد إلى الأذهان ما جرى بكلية السويسي في يناير من نفس السنة. فبالرغم من اختلاف السياق والمؤسسة، فإن تشابه المضمون – من حيث تغييب الشفافية وإقحام اعتبارات غير أكاديمية – يطرح سؤالًا جوهريًا:
هل باتت الشهادات الجامعية العليا في بعض الحالات تُمنح بالصفة، لا بالكفاءة؟
ويحذّر مهتمون بالشأن الأكاديمي من خطورة تسلل “الاعتبار الإداري” إلى قلب المعايير العلمية، مشددين على ضرورة الفصل الصارم بين المسار المهني والمسار الأكاديمي، ضمانًا لنزاهة الجامعة ومكانة البحث العلمي.
دعوات لفتح تحقيق داخلي
في ظل الصمت الرسمي، طالبت أصوات طلابية وأكاديمية بفتح تحقيق داخلي شفاف في طريقة إعداد اللوائح النهائية لمباراة الدكتوراه، وتقديم توضيحات للرأي العام الجامعي، خاصة أن الأمر يتعلق بمؤسسة مرجعية ذات إشعاع وطني.
كما شدّد مراقبون على أن مثل هذه الحالات، إن لم تتم معالجتها بوضوح ومسؤولية، قد تكرّس فقدان الثقة في مؤسسات التعليم العالي، وتضر بمصداقية الشهادات الوطنية، وتفتح الباب أمام ممارسات قد تخرج الجامعة عن دورها العلمي.
في انتظار التوضيح
تبقى كل المعطيات رهن التوضيح الرسمي الذي لم يصدر بعد، في وقت يطالب فيه الرأي العام الجامعي بالشفافية، وبإجابات واضحة حول كيفية ولوج هذا المسؤول إلى سلك الدكتوراه دون المرور بالمساطر المتعارف عليها، أو على الأقل دون أن يكون ذلك معلومًا للعموم.
وفي غياب ذلك، سيظل هذا الملف واحدًا من القضايا التي تعيد طرح سؤال شائك:
هل ما زالت الجامعة المغربية تُكافئ الباحث الجاد… أم أنها أصبحت تُكافئ المناصب؟
ولنا عودة في الموضوع.