حوار اجتماعي بالأرقام… وأزمات الشغيلة بلا أجوبة

حوار اجتماعي بالأرقام… وأزمات الشغيلة بلا أجوبة

في الوقت الذي تتزايد فيه احتجاجات الشغيلة وتتعالى أصوات النقابات المنددة بتجميد الحوار وغياب الإنصاف، خرج وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بتصريحات وصفت بـ”الورديّة”، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، محاولًا رسم صورة مثالية عن حوار اجتماعي يراه الكثيرون لا يتجاوز حدود البلاغات الرسمية والندوات الصحفية.

الوزير تحدث بثقة عن “جدية الحكومة” و”إنجازات تاريخية”، مستعرضًا أرقامًا ضخمة قاربت 45 مليار درهم، بينها زيادات في الأجور ورفع الحد الأدنى للأجور ومعاشات المتقاعدين، وهي أرقام يصعب إنكار حجمها الحسابي، لكن السؤال الأهم يظل: هل يشعر المواطن والشغيل المغربي فعلًا بهذه النتائج؟

في الواقع، على الأرض، لا تزال فئات واسعة من الموظفين، لا سيما في قطاعي التعليم والصحة، تخوض احتجاجات وإضرابات متواصلة بسبب ما تعتبره تماطلًا في تنزيل الالتزامات، وغموضًا في الاتفاقات، وانفرادًا بالقرارات. بل إن اتفاقات الحوار الاجتماعي الأخيرة وُوجهت من طرف عدة نقابات بالتشكيك في شفافيتها وفي مدى إشراك الفرقاء الحقيقيين.

كيف يمكن الحديث عن نجاح الحوار الاجتماعي بينما التوتر الاجتماعي يتفاقم، والإضرابات تعم المؤسسات، والثقة بين الحكومة والشغيلة تتآكل؟

من جهة أخرى، فإن محاولة الوزير نفي الطابع الانتخابي لقرارات الحكومة تبدو مرتبكة. فرفع الأجور في سنة انتخابية بامتياز (2024)، ثم الإشادة بهذه الخطوة تحت قبة البرلمان، لا يمكن عزله عن الحسابات السياسية المرتبطة بإعادة تموقع الحكومة وتحسين صورتها المتآكلة شعبيًا.

أما الحديث عن “تحسين شروط التقاعد” و”رفع الحد الأدنى للأجور”، فيقابله واقع اقتصادي صعب يتمثل في ارتفاع كلفة المعيشة وتآكل القدرة الشرائية وتضخم الأسعار، ما يجعل كل زيادات الأجور مجرد “تعويض جزئي” عن خسائر أكبر، لا تلامس أصل الأزمة.

ومع إصرار الحكومة على تمرير قانون الإضراب وسط تحفظات واسعة، وغياب بوادر واضحة لإصلاح شمولي وعادل لمنظومة الشغل، يطرح كثير من المتابعين تساؤلات حقيقية حول مستقبل الحوار الاجتماعي، وهل هو مسار تشاركي فعلي أم مجرد واجهة لتدبير الأزمات بالأرقام؟

الحوار الاجتماعيالسكوريوزير الشغل
Comments (0)
Add Comment