في مشهد يعيد طرح إشكالية الحكامة والمسؤولية الإدارية، تتصاعد موجة الغضب وسط عدد من المقاولات الصغرى والمتوسطة بعد تماطل وكالة المياه والغابات بتطوان عن صرف مستحقات مالية تعود لخدمات أنجزت لفائدتها منذ شهور. المقاولات المعنية، التي استكملت أعمالها خلال شهر نونبر 2024، وجدت نفسها في وضع مالي حرج، نتيجة غياب أي تجاوب أو تواصل رسمي من قبل الوكالة بشأن آجال الأداء أو حتى تبرير التأخير.
وقد علمت جريدة التحرير المغربية من مصدر مطّلع أن بعض المقاولات حاولت، في وقت سابق، تسوية الوضع بشكل ودي عبر اتصالات مباشرة مع مسؤولي الوكالة، غير أن محاولاتهم قوبلت بالتجاهل ولم تسفر عن أي رد أو تعاطٍ رسمي مع مطالبهم.
الخطير في الأمر أن بعض المقاولات باتت على حافة الإفلاس، بعدما استنفدت مواردها في انتظار مستحقات تعاقدية كان من المفترض أن تُصرف وفق آجال معقولة تحترم شروط الشفافية والالتزام.
وتحدث عدد من المقاولين والعاملين المتضررين عن محاولاتهم المتكررة لطرق أبواب الإدارة المعنية دون جدوى، ما دفعهم إلى رفع تظلمات رسمية، دون أن يلوح في الأفق أي أفق للحل.
هذا التماطل غير المفهوم يطرح تساؤلات عميقة حول المعايير التي تعتمدها وكالة المياه والغابات بتطوان في تدبير علاقتها بشركائها من الفاعلين الاقتصاديين المحليين والوطنين، كما يثير مخاوف حقيقية بشأن مصداقية العقود العمومية واحترام الدولة لالتزاماتها تجاه المقاولة الوطنية، التي تُعدّ رافعة أساسية للتنمية وتوفير الشغل.
في ظل هذا الصمت، تُسجّل انتقادات حادة من أطراف متعددة، تطالب بفتح تحقيق في أسباب هذا التعطيل المتكرر، وترى فيه استهتاراً بمصالح المواطنين وبالنسيج المقاولاتي الناشئ، كما يُطرح سؤال محوري: من يحمي المقاولات من العبث الإداري؟ ومن يتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذا الوضع؟